تقوم الهيئة الليبية بالبحث العلمي بالعديد من الأبحاث العلمية في مجالات مختلفة ذات صلة مباشر بالواقع الليبي وانعكاساته المباشرة وغير المباشرة على المواطن الليبي، الأمر الذي يزيد من قيمة تلك الدراسات التي تقترح حلولًا عملية للمشكلات القائمة أو تدق ناقوس الخطر لأزمات محتملة، كما حدث قبل كارثة درنة.. حول عمل الهيئة ودورها وتأثير دراساتها وأبحاثها على صنع القرار، أجرت الصباح الحوار التالي مع الأستاذ الدكتور فيصل عبدالعظيم العبدلي مدير عام الهيئة الليبية للبحث العلمي.
– ما الدور الذي تقوم به الهيئة الليبية للبحث العلمي؟
الهيئة الليبية للبحث العلمي هي جهة حكومية تعمل على تعزيز وتطوير البحث العلمي في المجتمع، ولديها مهام ومسؤوليات محددة كونها بيت خبرة وتفكير للدولة الليبية، حيث يمتد مجال عملها إلى عدة تخصصات، ومن بين الأدوار التي تقوم بها الهيئة يمكن ذكر ما يلي:
1. تعزيز ثقافة البحث العلمي، حيث تهدف الهيئة إلى نشر ثقافة البحث العلمي وتعزيزها في المجتمع، عن طريق توفير الدعم والتشجيع للباحثين والمؤسسات البحثية، ويتضمن ذلك توفير المنح البحثية والتدريب والموارد اللازمة لتطوير القدرات البحثية.
2. رصد الظواهر وتحليلها، حيث تقوم الهيئة برصد الظواهر العلمية والتكنولوجية وتحليلها، بناءً على البحوث والدراسات، إذ أنه يتم تحليل البيانات والمعلومات لفهم التطورات العلمية وتحديد الأولويات والمشكلات التي تحتاج إلى تدخل بحثي.
3. إعداد التقارير والمقترحات، حيث تستند الهيئة إلى البحوث والتحاليل لإعداد تقارير ومقترحات تتعلق بالتطورات العلمية والتكنولوجية وتطبيقاتها في مجالات محددة، ويتم تحليل البيانات وتلخيصها وتقديم التوصيات والمقترحات للجهات ذات الاختصاص المعنية.
4. التعاون مع الجهات المعنية، حيث تعمل الهيئة على تعزيز التعاون والتنسيق مع الجهات الحكومية والأكاديمية والصناعية وغيرها، بهدف تحقيق تعاون فعال في مجال البحث العلمي وتبادل المعلومات والخبرات.
– كيف تتعامل الهيئة العامة للبحث العلمي مع مؤسسات الدولة التنفيذية؟ وهل لديها سلطة “أدبية” على الأقل في إقناع مؤسسات الدولة بنتائج الأبحاث العلمية والأخذ بها؟
في الحقيقة تعاون الهيئة الليبية للبحث العلمي مع مؤسسات الدولة التنفيذية يكون عادةً من خلال التواصل والتعاون المباشر، فالهيئة تعمل على توفير النتائج العلمية والبحوث ذات الصلة للمؤسسات الحكومية، وتقدم توصيات ومقترحات قائمة على البحث العلمي لمساعدة هذه المؤسسات في صنع القرارات السليمة.
وفيما يتعلق بسلطة “أدبية” للهيئة، قد تكون للهيئة نوع من التأثير في إقناع المؤسسات الحكومية بنتائج البحوث العلمية والأخذ بها، وذلك بناءً على مصداقيتها وتخصصها في مجال البحث العلمي.
كما تنطوي شراكات الهيئة مع المؤسسات التنفيذية على تبادل المعرفة والخبرات، وتوفير الاستشارات والتوجيهات العلمية، بحيث يتم اعتبار الهيئة كمصدر رئيس للخبرة والمعرفة العلمية، فعلى سبيل المثال، هناك شراكة مع المجلس الوطني للتطوير الاقتصادي والاجتماعي، حيث تقدم الهيئة الاستشارات الفنية والعلمية للمجلس، وهذا يعني أن الهيئة تعمل كبيت خبرة للدولة، وتقدم التوصيات والاستشارات العلمية بناءً على الأبحاث والدراسات التي تقوم بها.
– كارثة درنة تنبأ بها عدة باحثين وعلى رأسهم الباحث عبدالعزيز رمضان عاشور ومع ذلك لم تتخذ الدولة اجراءات احترازية.. فما موقف الهيئة؟
الهيئة الليبية للبحث العلمي قد تكون غير مرتبطة بشكل مباشر بالتدابير الاحترازية التي تتخذها الدولة في مثل هذه الحالات الطارئة، ومع ذلك، فإن الهيئة تقوم بدور هام في توفير المعلومات العلمية والتوصيات الفنية للدولة والمساهمة في صنع القرارات الإدارية والفنية، وفي بعض الحالات الاقتصادية والاجتماعية.
فيما يتعلق بموقف الهيئة تجاه الكوارث الطبيعية أو الحوادث العامة، فإنها تعمل على توفير التحليلات والتقارير العلمية التي تساعد في تقييم الوضع وفهم الأسباب والتأثيرات المحتملة، وبناءً على هذه المعلومات، يمكن للهيئة تقديم توصيات وإرشادات للجهات المعنية بشأن الإجراءات الاحترازية والتدابير التي يجب اتخاذها، وعلى الرغم من ذلك، فإن تنفيذ الإجراءات الاحترازية واتخاذ القرارات النهائية يعود للجهات التنفيذية والحكومية المعنية.
وقد يتأثر القرار في الدولة بعوامل عدة، بما في ذلك التوافر الموارد المالية والبشرية والتحديات السياسية والإدارية، ومع ذلك، فإن الهيئة تسعى جديًا للتأكيد على أهمية نتائج البحوث العلمية في إعداد الخطط والاستراتيجيات الوطنية لمواجهة الكوارث وحماية السكان.
– هل تفكرون في طريقة أخرى للتعامل مع الدولة بشأن المخاطر ؟
في الحقيقة يتم بناء شراكات مع الجهات التنفيذية في الدولة، من خلال التأكيد على أهمية البحث العلمي في معالجة وحل التحديات المجتمعية، وهذا أسلوب تعمل من خلاله الهيئة على التعامل مع المخاطر مستقبلاُ، حيث تسعى إلى تبني نماذج للشراكة الفعّالة مع الجهات التنفيذية، مثل الشراكة مع المجلس الوطني للتطوير الاقتصادي والاجتماعي، بهدف تحقيق أقصى قدر من الاقتراب من صناع القرار، بغية دعم صنع القرارات السليمة والاستراتيجيات الفعالة في التعامل مع المخاطر.
– نفهم من ذلك، أن مسؤولية الهيئة تتحدد في دق ناقوس الخطر فقط؟ أم أنها تمتد لمتابعة الإجراءات؟
لا.. دور الهيئة الليبية للبحث العلمي لا يقتصر فقط على دق ناقوس الخطر والتنبيه، إنما يتضمن مراحل أخرى في معالجة المخاطر والتحديات، حيث ينقسم عمل الهيئة على مراحل تبدأ من التشخيص والكشف، ومن ثم تحليل الوضع الحالي للمشكلات المحتملة، وتحديد الأسباب والتحديات المحتملة، بعد ذلك نصل لمرحلة طرح المعالجات والحلول الممكنة للتصدي للمخاطر والتحديات المحددة، وفي هذه المرحلة، تقوم الهيئة بتوفير التوصيات العلمية والفنية والإرشادات للجهات المعنية بشأن الإجراءات اللازمة للتعامل مع المشكلة المحددة.
أما بالنسبة لمتابعة الإجراءات، فإن ذلك يعتمد على نوع التشخيص ومدى الحاجة إلى تدخل الهيئة، فقد تكون بعض الإجراءات ذات طبيعة فنية أو إدارية أو صحية، وقد لا تتطلب بالضرورة تدخل الهيئة، ومع ذلك، إذا طلبت الجهة التنفيذية تعاون الهيئة في التنفيذ، فإن الهيئة يمكنها تقديم المساعدة والدعم المطلوب، فعلى سبيل المثال، في حالة أزمة فيروس كورونا، قام المركز الليبي للتقنيات الحيوية بتقديم خدمات الكشف والتشخيص للأفراد في المجتمع، على الرغم من أن دور المركز يتعلق بالبحث العلمي ومعالجات الانتشار المحتملة.
مدير هيئة البحث العلمي يكشف للصباح دور الدراسات في صنع القرار
نقلا عن منصة الصباح الإلكترونية.
حوار: محمد حرب